العمق المجهول مغارة فريواطو بتازة
أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن إقليم تازة، هو جمال وصفاء الطبيعة الخلابة، هذه المنطقة الممتدة على جبال وسهول تخطف الألباب، مناطق طبيعة نادرة يأتي إليها السياح من كل مكان، ولعل مدينة تازة تحتوي على واحدة من أروع اللوحات الطبيعية هي المغارات، فهذه المنطقة هي الوحيدة بإفريقيا والعالم التي تتميز بعدد كبير من المغارات، ومن أهمها: مغارة فريواطو الأكثر شهرة، لجمال أهميتها الاستثنائي، والتي تبعد عن مدينة تازة بحوالي 26 كلم، تعد مغارة فريواطو واحدة من أبرز المعالم الطبيعية بالمغرب، حيث تشكلت عبر ملايين السنين، تقع هذه المغارة بمنطقة جبلية بجماعة باب بودير، مما يجعلها وجهة مميزة للسياح والمستكشفين.
جمال الطبيعة والتاريخ
فبعض الدراسات الحديثة أظهرت وجود تكوينات صخرية نادرة وأشكال كارستية متميزة داخل المغارة، مما يزيد من قيمتها العلمية، مبرزا أن المغارة ترتبط بالعديد من الحكايات والأساطير التي تناقلتها الأجيال، مما يجعلها أيضا جزءا مهما من الذاكرة الجماعية للمنطقة، وأيضا تتميز مغارة فريواطو بتكويناتها الكلسية الرائعة التي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، وكما يعتقد العلماء أن نشأتها تعود إلى تأثير المياه المحملة بثاني أكسيد الكربون على الصخور الكلسية، مما أدى إلى تشكيل أشكال فريدة تجسد جمال الطبيعة، منذ اكتشافها في أواخر الخمسينات، فقد أصبحت معلمة تاريخية وجيولوجية مهمة، حيث تحتوي على نقوش صخرية وبقايا أثرية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
رحلة داخل المغارة
تتكون المغارة من ثلاثة مداخل رئيسية، يتيح المدخل الأول للزوار، للنزول ، حيث تتسلل أشعة الشمس لتضيء بعض أجزاءها، بينما يتطلب المدخل الثاني استخدام المصابيح اليدوية نظرا لضيق مساحته، أما المدخل الثالث، فيمتد على طول ثلاثة كيلومترات ويستغرق زيارته حوالي ثلاثة ساعات مع مرشد سياحي، مما يمنح الزوار فرصة استكشاف أعماقها والتعرف على تشكيلاتها الفريدة، أما بخصوص عمق المغارة وتعقيد مساراتها أمر يجعل من المستحيل الوصول إلى نهايتها حتى الآن، إذ لم يتمكن أي فريق بحثي من الوصول إلى حدها، أما الروايات التاريخية تفيد بأن عمق المغارة وكذلك طولها لم يعرفهما أي فريق بحثي من قبل.
الأهمية العلمية والسياحية
أجمع الخبراء على أن مغارة فريواطو تشكل مختبرا طبيعيا للباحثين والطلاب في القيمة التاريخية والأثرية وتعتبر كنزا جيولوجيا وتاريخيا، وتحتوي على نقوش صخرية وبقايا أثرية تعود إلى فترات ما قبل التاريخ، مما يجعلها مصدرا مهما للدراسات الأنثروبولوجية والتاريخية، ومع انتهاء أعمال الترميم والتأهيل الجارية، ستفتح المغارة أبوابها أمام المزيد من الدراسات الميدانية التي ستعزز من الرصيد الثقافي والتاريخي للإقليم وللمملكة.
التحديات والآفاق المستقبلية
تواجه مغارة فريواطو تحديات بيئية عدة، منها التغيرات المناخية والتدخل البشري غير المنظم، مما يستدعي وضع استراتيجيات واضحة لحمايتها، مع إمكانية إحداث مركز أبحاث متخصص في السياحة العلمية والثقافية بالمنطقة، مما سيساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي.
المعلمة التاريخية
تظل مغارة فريواطو شاهدة حية على تاريخ بإقليم تازة بتطورها الجيولوجي، وكنزها العلمي والثقافي الذي يستحق المزيد من الاهتمام والدراسة، إن جهود الحماية والتطوير التي تبذلها السلطات المحلية، تحت إشراف عامل إقليم تازة، السيد “مصطفى المعزة” الذي بدوره يولي إهتماما لإعادة تأهيل مدخلها وتأمينها، ويسهر على أشغال هذه المعلمة التاريخية، من أجل جعلها مستقبلا منارة سياحية وكنز تاريخي طبيعي بالإقليم، ويحث أيضا على حماية هذا الموقع وتطويره بشكل مستدام، ليصبح منارة سياحية تساهم في ترسيخ الوعي البيئي والثقافي، وكما تعمل الجهات المسؤلة على المشروع وضع مخطط متكامل، يشمل تحسين الولوج الى المغارة، وتوفير البنية التحتية اللازمة للزوار والباحثين، لاعادة افتتاحها في وجه العموم وأمام الطلبة والباحثين.