استراتيجية لإصلاح التعليم رؤية شاملة لمستقبل مستدا

استراتيجية لإصلاح التعليم رؤية شاملة لمستقبل مستدام


بوخاري مليكة

استراتيجية لإصلاح التعليم رؤية شاملة

إصلاح التعليم يعد مشروعا استراتيجيا يتطلب تفكيرا عميقا وتنفيذا مدروسا على المدى الطويل، ومع بداية كل سنة  دراسية، تتجدد الآمال والتطلعات، ولكن تظل هناك تحديات كبيرة تعيق تحقيق الأهداف المنشودة، تعتبر بداية السنة الدراسية نقطة تحول حاسمة في حياة المجتمع، لكنها قد تؤدي أيضا إلى تسرع في اتخاذ القرارات، مما يهدد بتشتيت الرؤية الشاملة للإصلاح، لقد أبدى النموذج التنموي الجديد تداخلا مع القانون الإطار 51.17، مما يستدعي وضع رؤية بعيدة المدى للمنظومة التربوية.

التحديات
في ظل غياب رؤية متكاملة، لخارطة الطريق 2022-2026 وقوع خطأ ، حيث تم تهميش الرؤية الاستراتيجية 2030، هذا التهميش أثر على تنفيذ القانون الإطار الذي صدر سنة 2019، ولا زال في مرحلة الانتظار، على الرغم من أن الوزارة قد وضعت جودة التعلم كأولوية، والاعتماد على المدارس الرائدة، فهل ستساهم هذه السياسة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للإصلاح؟، أم أنها ستؤدي إلى انحراف عن المسار المطلوب؟، وفي خضم تطبيق القانون الإطار 51.17، يبقى نظام التعليم أمام تحديات رئيسية يجب مواجهتها لضمان نجاح السنة الدراسية، ويتطلب الأمر رؤية شاملة تسعى لتحقيق أهداف التعليم بشكل متكامل ومستدام، بعيدا عن السياسات القصيرة الأمد .

إصلاح التعليم تحديات وآفاق

يواجه التعليم تحديات متعددة تتراوح بين القضايا التقليدية والمشاكل الجديدة، جميعها تؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم في سياق الإصلاحات طويلة الأجل، تتركز هذه التحديات حول ثلاثة أهداف رئيسية: الإنصاف، الارتقاء الفردي والمجتمعي، والجودة.

التحديات الرئيسية
1 –  جودة التعلم                                                        تعتبر جودة التعلم من أبرز التحديات، حيث يفتقر أكثر من ثلثي التلاميذ إلى المهارات الأساسية في التعليم الابتدائي، يعود ذلك بشكل رئيسي إلى سياسات تعليمية سابقة ركزت على الكم بدلا من الكيف، مما أدى إلى نتائج غير مرضية على المدى الطويل.

2 – الهدر المدرسي
يستمر الهدر المدرسي في التأثير سلبا على التعليم، حيث يغادر الكثير من الطلبة كل سنة، مما يساهم في الجانب الآخر المخفي لظاهرة الهدر المدرسي، وكذلك التكرار والرسوب في التعليم الإعدادي ما يفاقم هذه الظاهرة، الى درجة يصعب حلها، ومما يستدعي إصلاحات جذرية قادرة على تحسين جودة التعليم .

3 – النجاح المدرسي 
تظهر معدلات النجاح ، كنسبة النجاح في البكالوريا، التي قد تعكس واقعا مغايرا حيث لم يتلق التلاميذ تعليما كافيا،نظرا للإحتجاجات، ما أدى الى فجوة بين المعدلات المعلنة والمستوى الحقيقي للتلاميذ، التي تعكس أزمة كبيرة في جودة التعليم.

4 –  الإنصاف
يتجلى التحدي الرابع في الاختلافات الواضحة بين المدارس العمومية والخصوصية، حيث تعاني المدارس العادية من تمييز واضح لصالح المدارس الرائدة، هذا الوضع يعيق تحقيق هدف الإنصاف المنصوص عليه في القانون الإطار 51.17.

5 –  التدبير الترابي
يظل تنظيم التعليم مشروعا مترددا، إذ فضلت الوزارة الخيارات المركزية على اللامركزية، مما يعارض المبادئ التوجيهية التي ينص عليها القانون الإطار 51.17، هذا الوضع يعكس عدم التوازن في توزيع السلطة بين الإدارة المركزية والإقليمية.

6 –  الإحصاء الوطني
يعد تنظيم الإحصاء الوطني من التحديات غير المسبوقة، حيث يهدد بتعطيل بعض المدارس لفترة، وعدم مشاركة المدرسين في هذا الإحصاء يعكس تخوف الوزارة من التأثير السلبي على جودة التعليم، مما تتطلب هذه التحديات رؤية شاملة واستراتيجيات فعالة لضمان تحقيق أهداف إصلاح التعليم، واستمرار جهود متكاملة لتحسين جودة التعليم، ومن تقليل الهدر المدرسي، وتعزيز الإنصاف والتدبير الفعال، مما يساهم في بناء تعليم قوي ومستدام.

مشروع المدارس الرائدة تحديات وآمال                        يهدف مشروع المدارس الرائدة تحويل التعليم من خلال تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية لخارطة الطريق حتى سنة 2026 : مضاعفة عدد التلاميذ القادرين على التحكم في المهارات الأساسية، لتقليص الهدر المدرسي بنسبة الثلث، وتعزيز مشاركة المتعلمين في أنشطة الحياة المدرسية، لتحقيق هذه الأهداف، تأمل وزارة التربية الوطنية الإعتماد على أربع رافعات أساسية.

الأهداف والرافعات الثلاثة
1 – مضاعفة المهارات الأساسية : تهدف الوزارة إلى تعزيز مستوى المهارات الأساسية بين التلاميذ.
2 – الحد من الهدر المدرسي : تقليص عدد التلاميذ التدرج في التعلم من البسيط الى المعقد

3 – زيادة المشاركة : تشجيع التلاميذ على الانخراط في الأنشطة الحياتية المدرسية.

الرافعات الأربعة
1 – الدعم المدرسي : توفير مساعدة إضافية للتلاميذ الذين يواجهون صعوبات في التعلم.
2 – التدريس الصريح : إعادة اعتماد منهجية التدريس التقليدية، مع التركيز على التدرج في التعلم .
3 – المدرس المتخصص : تخصيص المعلمين لمواد معينة بناءا حسب خبراتهم.
4 – توفير المعدات : تجهيز المدارس بالأدوات الرقمية اللازمة لضمان نجاح المشروع.

الإيجابيات والتكوين المستمر
يعتبر التكوين المستمر جزءا أساسيا من المشروع، مما يعزز من فعالية التعليم ويضمن استدامته.

استخدام التكنولوجيا الرقمية
تساهم التكنولوجيا الرقمية في تعزيز نجاح المشروع، بشرط أن يتم تنفيذه ضمن استراتيجية متكاملة تشمل الموارد والتجهيزات والتدريب.

الخيارات التربوية التقليدية
تعاني بعض الخيارات التربوية من الاعتماد على نماذج كلاسيكية لم تنجح في أماكن أخرى، مما قد يحد من فعالية المشروع.

نقص التفاعل
يجب أن يتم الجمع بين التدريس الصريح وطرق أخرى أكثر تفاعلية لتعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداع.

بطء التعميم
بطء تنفيذ المشروع قد يؤدي إلى تفاقم وعدم المساواة في التعليم، مما يهدد فعالية الإصلاح على المدى الطويل.

رؤية استراتيجية
تتطلب التحديات التي تواجه مشروع المدارس الرائدة استجابة فعالة من جميع الأطراف المعنية، ويستوجب التزاما قويا لضمان تحقيق أهداف إصلاح التعليم، في ظل قانون الإطار 51.17، الذي يمثل نقطة تحول حاسمة نحو تحقيق رؤية استراتيجية شاملة لسنة 2030.


تحقق أيضا

قراءة في نتائج الامتحانات الاستدراكية ومستقبل

قراءة في نتائج الامتحانات الاستدراكية ومستقبل التعليم للموسم الدراسي

مليكة بوخاري قراءة في نتائج الامتحانات أعلنت وزارة التربية الوطنية عن نتائج الامتحانات الاستدراكية لمستوى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *